الازمات وادارتها بمنظور اسلامي
تُعرّف الأزمة بأنها : (تعني تهديداً خطرًا متوقعًا أو غير متوقع لأهداف و قيم و معتقدات و ممتلكات الأفراد و المنظمات والدول و التي تحد من عملية إتخاذ القرار) .
الفرق بين المفاهيم التالية :
المشكلة والأزمة والكارثة.
وهي على النحو التالي :
1- المشكلة : تعرف المشكلة بأنها عائق أو مانع يحول بين الفرد والهدف الذي يسعى إلى تحقيقه ، وتعبر عن حدث له شواهد وأدلة تنذر بوقوعه بشكل تدريجي غير مفاجئ .مما يساعد للتوصل إلى أفضل حل من بين عدة حلول ممكنة والعلاقة بين المشكلة والأزمة وثيق الصلة فالمشكلة قد تكون سبب الأزمة ولكن لن تكون هي الأزمة في حد ذاتها .
2- الأزمة :هي حدث مفاجئ غير متوقع مما يؤدي إلى صعوبة التعامل معه ومن ثم ضرورة البحث عن وسائل وطرق لإدارة الموقف بشكل يقلل آثاره ونتائجه السلبية وأيضا هي حالة مؤقتة من الاضطراب واختلال التنظيم تتميز بقصور الفرد في مواجهتها باستخدام طرق حل المشكلات.
3- الكارثة: وهي احد المفاهيم التصاقا بالأزمات هي حالة مدمرة حدثت فعلا ، ونجم عنها ضرر سواء في الماديات أو غير الماديات أو هما معا ، والكوارث هي أسباب الأزمات ولكن لا تكون هي الأزمة في حد ذاتها والكارثة قد تكون لها أسباب طبيعية لا دخل للإنسان فيها.
سمات الأزمة: عدة سمات للأزمة منها:
1.الإدراك بأنها نقطة تحول.
2.تتطلب قرارات سريعة.
3.تهدد أهداف وقيم الأطراف المشاركة بها.
4.فقدان السيطرة أو ضعف السيطرة على الأحداث.
5.تتميز بضغط عامل الوقت والشعور بالضبابية والاضطراب مما يولد القلق.
6. المفاجأة بها و نقص المعلومات و التعقد و التشابك في الأمور أثناء حدوثها.
أما إدارة الأزمات فهي : ( فن إدارة السيطرة من خلال رفع كفاءة وقدرة نظام صنع القرارات سواء على المستوى الجماعي أو الفردي للتغلب على مقومات الآلية البيروقراطية الثقيلة التي قد تعجز عن مواجهة الأحداث والمتغيرات المتلاحقة والمفاجأة وإخراج المنظمة من حالة الترهل والاسترخاء التي هي عليها ) .
أو:
تعني بالأساس كيفية التغلب على الأزمات بالأدوات العلمية والإدارية المختلفة و تجنب سلبياتها والاستفادة من ايجابياتها، فعلم إدارة الأزمات هو علم إدارة التوازنات و التكيف مع المتغيرات المختلفة و بحث أثارها في كافة المجالات.
أساليب حل الأزمات والتعامل معها
هناك نوعان من أساليب حل الأزمات الأول معروف متداول، ويصطلح عليه بالطرق التقليدية، والثاني عبارة عن طرق لا تزال في معظمها، قيد التجريب ويصطلح عليها بالطرق غير التقليدية:
الطرق التقليدية
واهم هذه الطرق:
1. انكار الأزمة: حيث تتم ممارسة تعتيم اعلامي على الأزمة وانكار حدوثها, واظهار صلابة الموقف وان الاحوال على احسن ما يرام وذلك لتدمير الأزمة والسيطرة عليها. وتستخدم هذه الطريقة غالبا في ظل الأنظمة الدكتاتورية والتي ترفض الاعتراف بوجود اي خلل في كيانها الإداري. وافضل مثال لها انكار التعرض للوباء اواي مرض صحي وما إلى ذلك.
2. كبت الأزمة: وتعني تأجيل ظهور الأزمة ، وهونوع من التعامل المباشر مع الأزمة بقصد تدميرها.
3. اخماد الأزمة: وهي طريقة بالغة العنف تقوم على الصدام العلني العنيف مع قوى التيار الازموي بغض النظر عن المشاعر والقيم الإنسانية.
4. بخس الأزمة: أي التقليل من شأن الأزمة ( من تأثيرها ونتائجها ). وهنا يتم الاعتراف بوجود الأزمة ولكن باعتبارها أزمة غير هامة.(ابو لهب قال للنبي صلى الله عليه وسلم: تبا لا ألهذا جمعتنا)
5. تنفيس الأزمة: وتسمى طريقة تنفيس البركان حيث يلجأ المدير إلى تنفيس الضغوط داخل البركان للتخفيف من حالة الغليان والغضب والحيلولة دون الانفجار.
6. تفريغ الأزمة: وحسب هذه الطريقة يتم ايجاد مسارات بديلة ومتعددة امام قوة الدفع الرئيسية والفرعية المولدة لتيارالأزمة ليتحول إلى مسارات عديدة وبديلة تستوعب جهده وتقلل من خطورته.
ويكون التفريغ على ثلاث مراحل:
أ. مرحلة الصدام: أو مرحلة المواجهة العنيفة مع القوى الدافعة للأزمة لمعرفة مدى قوة الأزمة ومدى تماسك القوى التي انشأتها.
ب. مرحلة وضع البدائل: وهنا يقوم المدير بوضع مجموعة من الأهداف البديلة لكل اتجاه أو فرقة انبثقت عن الصدام. وهذه العملية تشبه إلى حد ما لعبة البليارد.
ج. مرحلة التفاوض مع اصحاب كل فرع أو بديل: اي مرحلة استقطاب وامتصاص وتكييف اصحاب كل بديل عن طريق التفاوض مع اصحاب كل فرع من خلال رؤية علمية شاملة مبنية على عدة تساؤلات مثل ماذا تريد من اصحاب الفرع الاخر وما الذي يمكن تقديمه للحصول على ما تريد وما هي الضغوط التي يجب ممارستها لاجبارهم على قبول التفاوض ؟،،
7. عزل قوى الأزمة: يقوم مدير الأزمات برصد وتحديد القوى الصانعة للأزمة وعزلها عن مسار الأزمة وعن مؤيديها وذلك من اجل منع انتشارها وتوسعها وبالتالي سهولة التعامل معها ومن ثم حلها أو القضاء عليها.
الطرق غير التقليدية
وهي طرق مناسبة لروح العصر ومتوافقة مع متغيراته واهم هذه الطرق ما يلي،:-
1. طريقة فرق العمل: وهي من أكثر الطرق استخداما في الوقت الحالي حيث يتطلب الأمر وجود أكثر من خبير ومتخصص في مجالات مختلفة حتى يتم حساب كل عامل من العوامل و تحديد التصرف المطلوب مع كل عامل.
وهذه الفرق إما أن تكون فرق مؤقتة أو تكون فرق عمل دائمة من الكوادر المتخصصة التي يتم تشكيلها، وتهيئتها لمواجهة الأزمات وأوقات الطوارئ.
2. طريقة الاحتياطي التعبوي للتعامل مع الأزمات: حيث يتم تحديد مواطن الضعف ومصادر الأزمات فيتم تكوين احتياطي تعبوي وقائي يمكن استخدامه اذا حصلت الأزمة. وتستخدم هذه الطريقة غالبا في المنظمات الصناعية عند حدوث أزمة في المواد الخام أو نقص في السيولة.
3. طريقة المشاركة الديمقراطية للتعامل مع الأزمات: وهي أكثر الطرق تأثيرا وتستخدم عندما تتعلق الأزمة بالأفراد أو يكون محورها عنصر بشري.وتعني هذه الطريقة الإفصاح عن الأزمة وعن خطورتها وكيفية التعامل معها بين الرئيس والمرؤوسين بشكل شفاف وديمقراطي.
4. طريقة الاحتواء: أي محاصرة الأزمة في نطاق ضيق ومحدود ومن الأمثلة على ذلك الأزمات العمالية حيث يتم استخدام طريقة الحوار والتفاهم مع قيادات تلك الأزمات،.
5. طريقة تصعيد الأزمة: وتستخدم عندما تكون الأزمة غير واضحة المعالم وعندما يكون هناك تكتل عند مرحلة تكوين الأزمة فيعمد المتعامل مع الموقف، إلى تصعيد الأزمة لفك هذا التكتل و تقليل ضغط الأزمة.
6. طريقة تفريغ الأزمة من مضمونها: وهي من انجح الطرق المستخدمة حيث يكون لكل أزمة مضمون معين قد يكون سياسيا اواجتماعيا أو دينيا أو اقتصاديا أو ثقافيا أو إداريا وغيرها، ومهمة المدير هي افقاد الأزمة لهويتها ومضمونها وبالتالي فقدان قوة الضغط لدى القوى الأزموية ومن طرقها الشائعة هي:
o التحالفات المؤقتة
o الاعتراف الجزئي بالأزمة ثم إنكارها.
o تزعم الضغط الأزموي ثم توجيهه بعيدا عن الهدف الأصلي.
7. طريقة تفتيت الأزمات: وهي الأفضل إذا كانت الأزمات شديدة وخطرة وتعتمد هذه الطريقة على دراسة جميع جوانب الأزمة لمعرفة القوى المشكلة لتحالفات الأزمة وتحديد اطار المصالح المتضاربة والمنافع المحتملة لأعضاء هذه التحالفات ومن ثم ضربها من خلال ايجاد زعامات مفتعلة وايجاد مكاسب لهذه الاتجاهات متعارضة مع استمرار التحالفات الأزموية. وهكذا تتحول الأزمة الكبرى إلى أزمات صغيرة مفتتة.
8. طريقة تدمير الأزمة ذاتيا وتفجيرها من الداخل: وهي من أصعب الطرق غير التقليدية للتعامل مع الأزمات ويطلق عليها طريقة (المواجهة العنيفة ) أو الصدام المباشر وغالبا ما تستخدم في حالة عدم توفر المعلومات وهذا مكمن خطورتها وتستخدم في حالة التيقن من عدم وجود البديل ويتم التعامل مع هذه الأزمة على النحو التالي:
o ضرب الأزمة بشدة من جوانبها الضعيفة.
o استقطاب بعض عناصر التحريك والدفع للأزمة
o تصفية العناصر القائدة للأزمة
o ايجاد قادة جدد أكثر تفهما
9. طريقة الوفرة الوهمية: وهي تستخدم الاسلوب النفسي للتغطية على الأزمة كما في حالات، فقدان المواد التموينية حيث يراعي متخذ القرار توفر هذه المواد للسيطرة على الأزمة ولو مؤقتا.
10. احتواء وتحويل مسار الأزمة: وتستخدم مع الأزمات بالغة العنف والتي لا يمكن وقف تصاعدها وهنا يتم تحويل الأزمة إلى مسارات بديلة ويتم احتواء الأزمة عن طريق استيعاب نتائجها والرضوخ لها والاعتراف باسبابها ثم التغلب عليها ومعالجة افرازاتها ونتائجها، بالشكل الذي يؤدي إلى التقليل من اخطارها.
لقد وضع الفكر الإداري الحديث عددا من الخطوات يمكن إتباعها عند حدوث الأزمة, وهي كما يلي:
1. • تكوين فريق عمل لوقت الأزمات وإمداده بأفضل الكوادر والتجهيزات والأدوات.
2. • تخطيط الوقت أثناء الأزمات والاستفادة من كل دقيقة في تخفيف أثر الأزمات.
3. • الرفع من معنويات العاملين وقت الأزمات مما يشعرهم بالحماس والحيوية والالتزام بالعمل.
4. • الإبداع والتجديد في المواقف العصيبة وإشعال روح الإبداع لدى العاملين لتقديم حلول وآراء غير مسبوقة
5. • حل المشكلات وقت الأزمات بتحديد المشكلة وإجراء المشورة ومن ثم اختيار الحل الأنسب من الحلول المتاحة.
6. • تقبل التغيير وقت الأزمات ـ وهي المرونةـ .
7. • العمل على حصر الأزمات التي من المتوقع أن تحدث في الحاضر والمستقبل والعمل على راستها ووضع بدائل للحلول المناسبة لها.
الجلسة العملية في إدارة الأزمات وحل المشكلات
ولكن نجد أن نموذج ( إدارة الأزمات ) الذي وضعته الإدارة الحديثة تجاهل بعض النواحي الإسلامية التي يمكن تضمينها لاستخلاص نموذج إداري متكامل لإدارة الأزمات يعتمد على الأسس التي اعتمدت عليها الإدارة الحديثة بعد تأصيلها بالفكر الإسلامي , ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أسوة حسنة في تفعيل الأزمات والاستفادة منها وفي كيفية تحويل المحنة إلى منحة وتحويل الموقف السلبي إلى إيجابي وذلك بقوة الإيمان والعزم والتوكل على الله .
إضافات النموذج الإسلامي لإدارة الأزمات :
1. الشعور بالطمأنينة والثقة بالله سبحانه وتعالى ثم الثقة بالذات والنفس ويضع في اعتباره قوله تعالى (ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) .
2. التعلق بالله جل وعلا والإكثار من الدعاء :
3. الثقة بالله جل وعلا .
4. الاستفادة مما سبق من تجارب ماضية .
5. عدم تقليد المنظمات الأخرى في حلول الأزمات التي تتبعها , فما يناسب منظمة ليس بالضرورة أن يناسب منظمة أخرى لعدم تكافؤ الظروف بين المنظمات .
6. • المبادأة والابتكار فيما يخدم تغيير المنظمة نحو الأفضل , فالقائد الناجح عليه إشعال حماس العاملين الأمر الذي يؤدي إلى رغبة الفرد في المشاركة وحل الأزمة , فعلى سبيل المثال إتاحة الفرصة للتعبير عن النفس ، وتحقيق الذات ، والإحساس بأن الفرد نافع ، والرغبة في الحصول على معلومات ، والرغبة في التعرف والعمل مع زملاء جدد، والإحساس بالانتماء إلى عمل خلاق ومكان عمل منتج ، والرغبة في النمو والتطور من خلال الإبداع والتطوير ، وغيرها من مثيرات الحماس والدافعية .
7. أن يتبنى إدارة الأزمات داخل المنظمة قائدا يتمتع بصفات تؤهله لإدارة الأزمات وحل المشكلات , ومن هذه الصفات ( العلم – الخبرة – الذكاء – سرعة البديهة – القدرة في التأثير على الأفراد – التفكير الإبداعي والقدرة على حل المشاكل والسيطرة على الأزمات – القدرة على الاستفادة من علوم الآخرين وخبراتهم – القدرة على الاتصال الفعال بالآخرين وتكوين العلاقات الإيجابية – الرغبة والحماس ) .
8. يعتبر ( الصبر ) من أهم الصفات التي يجب على القائد التحلي بها عند الأزمة .
9. التفاؤل وعدم التشاؤم : .
10. على القائد أن يتذكر دائما قاعدة ( ما أصابك لم يكن ليخطئك ) .
11. تجنب الغضب وقت الأزمة .
12. توسيع نطاق المشاورة .
13. التعاون بين الأفراد داخل المنظمة للعمل على حل المشاكل والأزمات التي يمكن أن تواجهها المؤسسة .
14. الاستعانة والتوكل على الله : .
15. العزم والعمل وعدم التخاذل والتردد.